الأحد، 27 يناير 2013

تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في كركوك

" كُلَ يوم أتذَكر اللحظة التي أُجريت لي بها عملية الختان واسمع صوت بكائي يومها، وأنا ألان أعيش مشوهة أمام زوجي، وأعاني من البرود الجنسي، وكل ما انظر واستمع لزميلاتي في العمل وجاراتي في المنطقة عن علاقتهن مع أزواجهن وتحديداً {المعاشرة الزوجية} الكآبة تعتريني لا إراديا أجد نفسي انسحبت من بينهن لأعود لعالمي البائس".


هذا ما قالته "م.ك.غ" أحدى المختتنات التي تبلغ من العمر {39} ربيعاً  وهي مغطاة الرأس بقماش غامق اللون  تجلس على كرسي خشبي في حديقة منزلها الشاسعة  شمال غرب  كركوك.
حيث بينت وهي تتكلم ببطء وتشهق بصوت يُسمع إن" نتيجة الأفكار البائدة التي تعشش برأس والدي، هي التي دفعت زوجته  وأنا في  السابعة من العمر، لا أدرك شيئا، لاصطحابي  لدار امرأة طاعنة في السن لقطع جزء من جهازي التناسلي، وعند العودة وجدت أبي ينتظرنا وملامح وجهه تدل على الفرح وهو يقف بالقرب من الباب الخشبي المؤدي لغرفتي الصغيرة، حينها لم أكن اعرف ما خبأته الأيام لي".
وأضافت وعينها تدمع إن " ابنتي وهي تزور بيت جدها قبل عامين، خرجت مع جدتها، وللأسف ومن غير علمنا أنا والأب عادت وهي مختتنة".


خِتان النساء ظاهرة انزوت في الأرياف والقرى النائية، وعلى مر السنين ظُن أنها في المدن اندثرت، ولكن إحصائية أجرتها إحدى المنظمات المحلية وبالتعاون مع منظمة  دولية في كركوك بينت أن 38% من نساء هذه المحافظة هن من المختتنات وهذا ما حصلوا عليه..وما خفي كان أعظم.
لطالما كان الختانٌ ظاهرةً مقبولةً إذا ما اتصلَ الكلامُ بمعشرِ الرجال، فالرفضُ ملاصقٌ لهذهِ العملية إذا ما كانت المرأةُ هي المقصود،، رغم عدمِِ وجودِ نصوصٍ دينيةٍ أو قانونيةٍ صريحة. تمنعه من أن تكون المرأة هي الضحيةُ بحسب المرأة المختونةْ ذاتٌها.

وتتحدث الناشطة في مجال المنظمات المدنية آويزان وهي تجلس على مكتَبِها وعلى خَشبَتهُ {1212}استمارة استبيان  آجرته منظمة (بَنا لإزالة العنف ضد المرأة) في محافظة كركوك.
حيث أكدت منسقة مشروع استبيان ختان النساء آويزان نوري
إن " نتائج الاستبيان أظهرت إن 38,2% من نساء كركوك هن من المختتنات، حيث تم مقابلة  1212 أنثى  من عمر 14 سنة فما فوق،   وسألت كل واحدة منهن 61 سؤال". مبينة" أن النساء من القومية الكردية الأكثر تأثراً وبنسبة 65,4%، ومن نساء القومية العربية 25,7%، ومن القومية التركمانية بنسبة 12,3%،ولم نجد أي حالة من الديانة المسيحية".
واضافت " الاستبيان شمل محافظة كركوك بأكملِها من مركز المدينة  إلى الاقضية والنواحي والقرى التابعة لها..ما عدى ناحية تازة التي   مُنعَ فيها فريق العمل من الدخول وإجراء المقابلات مع النساء  اللواتي  يقطنَ الناحية".
*{الإرباك النفسي والجنسي من ابرز التأثيرات التي ترافق الأنثى على المدى البعيد وخصوصا بعد الزواج}.


حيث بينت الدكتورة ليلى أحسان مسؤولة الشؤون الطبية في منظمة روز إن "ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية لها تأثيرات صحية سلبية كبيرة، على من تمارس عليهن من الإناث، تتضمن في الدرجة الأولى التلوث لأنها تتم بظروف غير صحية والأدوات المستخدمة غير طبية  وتشويه أعضائهن تجرى خارج المستشفيات والعيادات الطبية، حيث تكون داخل البيوت من قبل أشخاص غير مختصين".
وأكدت " سترافق الأنثى المختتنة تأثيرات على المدى البعيد ابرزها العقد النفسية والبرود الجنسي بعد الزواج، حيث يرافقها هاجس الخوف وصعوبة المعاشرة الزوجية".
*{أما من ناحية التكيف القانوني من جانب الفرض والإلزام لظاهرة ختان الإناث فإن القوانين العراقية المعمول بها لا تجرم من يقوم بتشويه الأعضاء التناسلية للنساء}.
وهي تجلس وعلى مكتبها العديد من كتب القوانين العراقية والدولية، تتحدث عن نصوص القانون العراقي التي "اكل عليها الدهر وشرب" حسب وصف المحامية بشرى محمد زكي حيث قالت " للأسف الشديد في نص القوانين العراقية بما ضمنه قانون العقوبات رقم(111) لسنة 1969 لايوجد نص صريح وواضح يحرم العمل بما يتعلق بظاهرة ختان الاناث".
وأكدت " يجب ان يكون نص صريح يجرم الفاعل او الشخص الذي يمارس او من يوصل الفتيات الى اماكن التي يتم فيها الختان،  ولايوجد أي ردع او منع  قانوني على من يقوم بهذه السلوك، وربما ان هذا القانون قديم جداً لان من سنة تشريعة فترة ليست بالقليلة".
واوضحت " ان القوانين الحالية تحتاج الى تعديلات، وعلى الرغم من أن ظاهرة ختان النساء متوغلة في العمق تاريخياً، لكن في الحقبة الزمنية التي اصدر فيها القانون لم تكن هناك توعية او ثقافة تظهر قضية الختان على ساحة الرأي العام، لان الظاهرة كانت تمارس بشكل خفي، ولاتوجد جهات معنية تفتح صفحات هذه المسائل التي تسيء اجتماعياً للمرأة".
وشددت المحامية بشرى محمد " على منظمات المجتمع المدني والجهات المعنية العمل على الحد من ظاهرة ختان الإناث وإنقاذ وتخليص من لم تخضع لتشويه جهازها التناسلي". وأكدت إن" هناك دور ريادي لمنظمات المجتمع المدني، ويفوق القوانين ودور الحكومية بحد ذاتها، والمنظمات تعمل على الورش التثقيفية من الناحية القانونية والاجتماعية، ويجب تفعيل دور الشرطة المجتمعية لان هناك الكثير من الحلات تتم بالخفاء دون علم أي جهة مسؤولة".  

*{الختان موضوع اثار اهتمام كثير من المختصين في شتى المجالات ومنهم رجال الدين..خاصتةً إذا كان الختان من سسن الإسلام، ومن الفطر التي حثت عليها الشريعة}.
الشيخ أركان ألعزي يتحدث من الناحية الشرعية ويؤكد إن" الختان يعتبر من الأمور اللازمة بالنسبة للذكور، وهناك العديد من الأحاديث للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) عن ختان النساء لكن كل هذه الأحاديث يطعنون بها العلماء ويضعفونها، إلا إننا وجدنا ومن خلال استقرائنا لهذه الأحاديث ان الرسول (صلى الله علية وسلم) لم يعترض على مسألة الختان التي كان يقوم بها بعض النساء خاصةً إحدى زوجاته(ام حبيبة رضي الله عنها) حيث كانت مختصة بختان الجواري ولكن الرسول (صلى عليه وسلم) ارشدها وعلمها الى الطريقة الصحيحة لختان النساء، وقال لها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) " لا تنتهكي فانه ذلك اسر للوجه و أحظى  للفرج".
وبين إن" قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) أي لا تتجاوزي الحد المقرر والمشروع لان في ذلك أذية للمرأة".
وأضاف انه " من الجانب الاخر وجدنا المذاهب الإسلامية المختلفة، فهنالك المذهب الحنفي والمالكي يقولون إن ختان المرأة سنة وليس فرض ولا هو بواجب، والمذهب الشافعي والحنبلي يقولوني ختان النساء واجب كما هو عند الذكور".
وأشار الشيخ ألعزي " هناك رأي ثالث يتوسط الرأيين، يقول انه مباح حيث الختان يتقرر وفق حالة المرأة، ومن جانب اخر وجدنا أن من يقوم بختان النساء في وقتنا الحال أطراف لا علاقة لهم بالطب، وهذا ما يقف عنده الشرع ويحرمه من خلال توصيات الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) لزوجته أم حبيبه (رضي الله عنها)، والدين يُجَرم الجهات التي تختن  النساء وليس لها علاقة في المسائل الطبية".

{رغم الجدل الحاصل بين عموم الناس والمختصين ومحاولات المنظمات المدنية للحد من ظاهرة ختان الإناث إلا إن وسائل الإعلام ومنها المرئي الأكثر تأثيرا في البيوت حسب مراقبين " لم يعمل بشكل جيد على أظهار مساوئ الختان". والبعض يرى أن الانترنيت له دور في التثقيف ونشر والوعي والبعض الاخر يقول ان الصحف والمجلات تلعب دور اكبر لأنها تصل ليد ربة البيت ولا تؤثر على الوضع الاجتماعي}.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق